حاشد لم يخرج منتحرا ولكن خرج محتجاً..
يمنات
خمسة عشر يوم من الاضراب عن الطعام هي التي قضاها القاضي احمد سيف حاشد للمطالبة بصرف المرتبات و مراجعة اسعار الوقود قضى منها اثني عشر يوما في مقر البرلمان وليتعرض لانتكاسة صحية اسعف على اثرها الى مستشفى المتوكل لتلاقي العلاج و لكنه واصل اضرابه عن الطعام في المستشفى .
كان احتجاج القاضي قد حرك مسألة المرتبات وفرض على الجميع ان يتعاطى معها وخرج بوعد من الحكومة بصرف نصف راتب ، كما سلط الضوء على ” المهزلة الأثمة ” التي تتم فيما يتعلق باسعار بيع المشتقات النفطية ، وحرك مياه الفساد الراكدة كما لم تحرك منذ اعوام .
مع ان البلد شهد احداثا جسيمة بين شريكي سلطة الواقع كانت كفيلة بان تطمر احتجاج القاضي تماما الا انه ضل ضمن الاهتمامات الاولى للجمهور وان لم يكن هو المتصدر وهذا بحد ذاته دليل قوة لموقفه فالاحداث التي صاحبت احتجاجه هي احداث خطيرة اقترب فيها الوضع من الانفجار و الطبيعي ان يغيب احتجاج القاضي وكونه ضل ضمن الاهتمامات الاولى هو غير الطبيعي و الذي يعكس قوه احتجاجه .
البعض ظل في سطحية عجيبة ، هو بياكل سرا ، لازال سمين و لم ينحف، وهولا سطحيتهم جعلتهم يتصورون ان القاضي خرج لينتحر وليس ليحتج و ليثير مسائل تهم المجتمع وكان من واجبهم ان يسندوا خطوته الاحتجاجية لا ان يكسروا فيها ، والبعض كان في ” سماجة ” غريبة ، هو يشتي يشتهر ، ماحد اري وينوه ، وهولا سماجتهم جعلتهم يتناسون ان القاضي لا تنقصه الشهرة ولو كان في الامر شهره لبادر لها غيره ممن لاحس لهم و يتناسون انه عضو برلماني وموقفه غير موقف الاخرين وكان من واجبهم هم ايضا ان يسندوه لا ان يحاولوا تشويه الخطوة .
البعض ضل سلبي يتابع بصمت ودون تحديد موقف و البعض تفاعل مع احتجاج القاضي و اسهم في التصعيد ماامكنه اما بالنزول او بالتغطية الاعلامية او بالتفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي.
كثير كانوا على قلق على القاضي فهذا النوع من الاضراب لايخشى تبعا له من الموت بدرجة اولى كما توهم البعض فهناك وسائل علاجية عدة تستخدم للاستمرار في الحياه لاسابيع عدة ولكن الخوف هو من تبعات هذا الاضراب على اجهزة الجسم المختلفة التي قد تتاثر و تضل مشاكلها لما بقي من لحياة .
سجل القاضي موقف واثار قضية و سلط الضوء باسلوب جديد وقوي على مسائل هي في اشد الحاجة لذلك ، و تحققت نتيجة نسبية اي كان تقدير البعض لها قليلة او كبيرة ، وتضل هناك اساليب اخرى لمواصلة الاحتجاج دون تعريض صحته لاخطار غير قابلة للتلافي .
القاضي احمد عنيد ولا يرضى باقل من نتيجة قوية تتناسب مع قوة خطوته ورفض محاولات كثيره لاثنائه قبل بدء احتجاجه و محاولات عدة لوقف احتجاجه ورفضها وقاومها جميعا واستمر حتى بعد نقله للمستشفى ، وعناده مشكلة حقيقية كانت تواجهنا .
ناشدت القاضي لاكثر من مرة وناشده غيري و زرته لمحاولة اقناعه وزاره غيري ولكنا لم نضغط عليه كثيرا وكنا نعود دون نتيجة ولكن دون ان نيأس ، وفي احدى زياراتي قلت له ” زيد شل لك يومين ثلاث وبعدين بنتصرف ” .
اسعف القاضي للمستشفى بعد وقفه تضامنية واحتجاجية معه ومع مطالبه بعدها واجه مشكلات في النظر و وصل لعدم القدرة على فتح جفونه ، وكذلك لم يعد قادرا على صلب عوده و بدء في فقد التركيز وتم اجراء الفحوصات و تلقى العلاجات اللازمة واستمر في اضرابه لكن كان هناك تحذير مزعج وخطير فقد اخبرني طبيبه ان بينه و بين بدء اعتلال اجهزة جسمه وخصوصا الكبد يوم الى يومين ، وحينها كان لابد لاصدقاء ومحبين له من تصرف .
كانت المشكلة عناد القاضي لكن الرهان كان على صفة اخرى له وهي انه رجل حيي ولابد من الاعتماد هذه المرة على صفة الحياء التي يتحلى بها وهي كفيلة بان لا يردنا و قد جينا جميعين و مصممين الا نعود الا به ، و تم التواصل و الترتيب لعدد ممن لهم تاثير على القاضي والمقتنعين بانه حان الوقت لرفع اضرابه و تحدد الثالثة من عصر اليوم للدخول الجماعي و مطالبته بوقف اضرابه و عزم الجميع ان لايعودوا الا به .
… كانت مشكلة مفاتحته في الامر وان هذه المرة غير كل مرة هي احدى المشكلات لهذا تم التمهيد منذ الصباح بزيارات عديد من ” شركاء المؤامرة ” هههه، وفي الموعد دخلنا عليه جميعا وكنا مجموعة ممن يحبونه و يحترمونه و يعون من هو حاشد و ما طبيعة الخطوة التي قام بها وفي مقدمتنا افراد اسرته بالطبع و لم نتركه الا وقد اكل اول لقمة منذ خمسة عشر يوما وقضم قطعة بسكويت و حليب كاسرا اضرابه عن الطعام عازما على مواصلة العمل على مطالبة و حربه على الفساد ، وخرج من المستشفى الى منزله ليرتاح ويستعيد حيويته ثم يتخذ قراره القادم .
حاشد لم يخرج منتحرا ولكن خرج محتجا وقد سجل احتجاجه و سيستمر في احتجاجاته كما هو عهده .
اصرفوا المرتبات ، راجعوا اسعار الوقود ، توقفوا عن الفساد و حاربوه .
سلام الله على حاشد .